يعتبر مرض الربو من الأمراض الطبية المزمنة التي ترافق المريض فترة زمنية طويلة قد تمتد في بعض الأحيان بقية العمر. ولهذا فإن تثقيف وتعليم المريض يعتبر ركناً أساسياً من أركان العلاج لهذا المرض، فمعرفة طبيعة المرض ومسبباته وأهمية الانتظام على العلاج كما وصفه الطبيب هي من أهم أسباب الشفاء من هذا المرض المزمن. ومرض الربو من الأمراض التي ينبغي للمريض أخذ الحيطة والحذر وعدم التعرض لأي عارض خارجي يؤدي إلى انتكاسة في حالته المرضية، ومن ذلك التعرض لملوثات الجو والغبار وبعض أنواع العطور والمأكولات وجميع ما يثير المشاكل والتحسس لدى المريض. لكن الكثير من مرضى الربو وبسبب قلة وعيهم يصابون بنوع من الخوف غير المبرر من أي مؤثر خارجي قد يضرهم حتى ولو لم يثبت ذلك علمياً، ومن هذه المفاهيم الخاطئة لدى بعض المرضى هو محاولة تجنب ممارسة الرياضة قدر المستطاع والابتعاد عن أي مجهود بدني قد يزيد من نوبات الربو، وهذا المفهوم أو الاعتقاد الموجود لدى بعض مرضى الربو هو اعتقاد غير صحيح، فقد ثبت علمياً أن مرضى الربو بإمكانهم ممارسة الرياضة التي يرغبون بها دون تحفظ أو قيود ودون أن يؤثر ذلك على حالتهم الصحية ما دام أنهم ملتزمون بالعلاج والإرشادات الطبية اللازمة.. بل لقد ثبت علمياً أيضاً أن الرياضة ليست فقط غير مضرة لمرضى الربو بل مفيدة وضرورية وجزء مهم من البرنامج العلاجي.إنه لمن المتعارف عليه علمياً أن استنشاق الهواء أثناء ممارسة الرياضة يؤدي إلى دخول الهواء البارد والجاف إلى داخل الشعب الهوائية بسرعة فائقة قبل ترطيبة مما يؤدي لإثارة الشعب الهوائية عند بعض الأشخاص، وهذه النوعية من المرضى يمكنهم أيضاً تجنب انتكاسة حالتهم الصحية بسبب ممارسة الرياضة باستخدام البخاخات الوقائية قبل ممارسة الرياضة بحوالي عشر دقائق.. ويمكنهم بعد ذلك ممارسة الرياضة التي يرغبون بها بدون تحفظ. ومن المهم التنويه إلى أن ممارسة الرياضة وخصوصاً التي تحتاج إلى مجهود بدني كبير مثل الألعاب الجماعية ككرة القدم والسلة والطائرة تحتاج إلى لياقة بدنية. لذا يجب على مرضى الربو أن يتدرجوا بممارسة هذه الرياضات حتى يصلوا إلى اللياقة المطلوبة لممارستها. يجب عليهم عدم الاندفاع كثيراً في ممارسة هذه الرياضات بدون الحصول على اللياقة الكافية التي تسمح لهم بممارستها بدون عائق أو مشاكل صحية، كما أنه ينصح بممارسة الرياضة في أماكن مغلقة ودافئة أو رطبة قدر الإمكان وأفضل الرياضات: السباحة في المياه الدافئة وكذلك المشي بشكل يومي كما أنه يجب تجنب ممارسة الرياضة لمرضى الربو في الأماكن الضيقة أو الأماكن المليئة بالتلوث والضوضاء والغبار والتراب وعدم التعرض لأي ملوثات بيئية في أماكن ممارسة الرياضة.
إن ممارسة الرياضة لمرضى الربو يجب أن تكون بشكل منتظم وحسب برنامج رياضي منظم وليس بطريقة عشوائية لكي تفيد المريض وتؤدي إلى الهدف المنشود، فالرياضة تزيد من كفاءة عمل الرئتين وزيادة سرعة التنفس مما يزيد كمية الأكسجين في الجسم، كما أنها تؤدي إلى توسع في الشعب الهوائية وزيادة في كمية الهواء داخل الرئتين وهذا مما يزيد من كفاءة وظائف القلب وزيادة نبضاته وتوسع الأوعية الدموية في مختلف أجزاء الجسم وهذا بدوره يؤدي إلى الشعور بالارتياح والنشاط لدى المريض وزيادة روحه المعنوية وعدم إحساسه بالتعب والإرهاق وكسر حاجز الخوف والوهم لديه وتنشيط ذاكرته، مما ينعكس إيجابياً على حياته العملية والاجتماعية. كما أن ممارسة الرياضة عند مرضى الربو تؤدي إلى تقوية عضلات الجهاز التنفسي والحجاب الحاجز مما يؤدي إلى عدم الشعور بضيق النفس الذي يصاحب نوبات الربو كما أن كثيراً من مرضى الربو يعانون من السمنة المفرطة وممارسة الرياضة بانتظام وهذا يعتبر جزءاً أساسياً في محاولة تخفيف الوزن مما ينعكس إيجابياً على الصحة العامة للمريض ويؤدي في النهاية إلى التقليل من الاعتماد على بخاخات الربو وزيادة فرص الشفاء التام من هذا المرض مقارنة مع المرضى الذين لا يمارسون الرياضة بانتظام.
وأخيراً لا بد من التأكيد على نقطة هامة وضرورية وهي أنه يجب على المرضى المصابين بالربو استشارة طبيبهم بشكل دوري ومنتظم وسؤاله عن أفضل الطرق الصحيحة لممارسة الرياضة المناسبة لهم، كما يجب على المريض أن يتجنب ممارسة الرياضة أثناء نوبات الربو الحادة والشديدة أو أثناء تعرض حالته الصحية لانتكاسة بسبب التهابات الشعب الهوائية ونزلات البرد. وفي هذه الحالة يجب أن يستشير طبيبه ويلتزم بالبرنامج العلاجي الذي يصفه الطبيب، وعندما تستقر حالته ويعود إلى حياته الطبيعية يستطيع أن يعود لممارسة الرياضة التي يفضلها بدون أي تحفظ بشرط الالتزام باستخدام أدوية الربو الوقائية فترة كافية وحسب ما يحدده له طبيبه المعالج.
